جريدة النهار: الديباجي: الحوار بين الأديان المنهاج الوحيد لنبذ الإرهاب

Date : 01/06/2015
Writer Name :

 
أكد الامين العام للهيئة العامة للفقه الاسلامي سماحة السيد ابوالقاسم الديباجي خلال كلمته في مؤتمر الهيئة العامة للفقه الاسلامي والذي جاء بعنوان لقاء امين عام الهيئة مع البابا حول دور الاديان والحضارات في محاربة التكفير والارهاب بانه وبعد الانتهاء من الحرب العالمية الأولى في سنة 1918، تم اغلاق هذا الفصل تدريجيا في تاريخ العالم فالدول الفاتحة أي بريطانيا وفرنسا في البداية مزّقتا الامبراطورية الكبيرة للنمسا وهنغاريا والعثمانية الى قطع وأخرجتا مستعمرات ألمانيا من قبضتها، ولكن بعد الحرب العالمية الثانية هما أيضا شاءتا أم أبتا استسلمتا الى هذه العاقبة.
واضاف السيد الديباجي بان بريطانيا أظهرت الحكمة أكثر من الأخرى حيث تركت الهند بسهولة، ولكن فرنسا لم ترد أن تخضع رقبتها أمام هذا السير القهري حتى في الستينيات وبعد حرب دموية وباطلة أُجبرت على الانسحاب من الجزائر.
وتابع السيد الديباجي انه نتيجة هذه المرحلة في ضرب الاستعمار ظهرت دول حديثة الانشاء في العالم والتي انضم كل منها الى هيئة الأمم المتحدة وأصبحت عضوا فيها وحصلت من خلالها على منصة حرة لطرح دعاويها التاريخية والثقافية الجديدة لافتا الى ان جمهورية الاتحاد السوفييتي كانت باقية والتي كانت تتشكل رسميا من عدد كبير من الوحدات الأرضية والسياسية الداخلية في أوروبا وآسيا، وفعليا وواقعا كانت الدول الأوروبية الشرقية أيضا كذلك تقع تحت سلطة الاتحاد السوفييتي.
واضاف السيد الديباجي بأن جزءاً واسعاً من ساحة العالم تقسم الى قطبين: الرأسمالية والشيوعية، وكل منهما بدأ بالمنافسة والقتال المسلح للتحكم والسيطرة على القسم الآخر من العالم والذي سمي بالعالم الثالث مضيفا بأن مثال ذلك والمداخلة الدموية الروسية في المجـر وتشيكوسلوفاكيا وحروب كوريا وفيتنام حيث انعدمت في هذا العهد أي لغة للحوار بين القطبين، ولم يشهد العالم في هذه الحقبة سوى القتال والنزاع، ودول العالم الثالث لم تنحاز بصورة قطعية الى أحد الطرفين، حيث تسعى بكل جهودها لمنعهما من ابتلاعها مع حفظ التوازن وتأمين منافعها الخاصة.
وتابع السيد الديباجي بقوله أما في أواخر السبعينيات، وبعد الحوادث التي تحققت في زوايا العالم، تبدل الوضع على حين غرة. في ذلك الزمان بدأت المبارزات ضد الاستعمار في كل مكان مع التوسل بأفكار جديدة وحديثة، حتى في الهند استفاد غاندي والمبارزون معه من أدوات وطرق غير تقليدية، وفي الوهلة الأولى أرادوا اخراج بريطانيا من أراضيهم، والسعي في طريق التجدد في الوهلة التالية.
مضيفا أما بسقوط النظام الماركسي في حصنها الأصلي، الاتحاد السوفييتي والدول الاوروبية الشرقية، والمتاعب التي ظهرت في العالم جراء انتشار الشيوعية ثم انحسارها مع سقوط الاتحاد السوفييتي، فجأة ظهرت فجوة عقائدية عظيمة في ساحة الفكر والهدف، واستطاعت العقيدة الاسلامية الورود في الميدان بكل سهولة وسدت تلك الفجوة للكثير من المظلومين والمضطهدين في العالم.
واكد السيد الديباجي بان آلات وأدوات الحرب الجديدة ليس لها حد، وقيام الثورات والمظاهرات وتنظيمها أصبح سهلا للغاية والتلاعب فيها أصبح أسهل أيضا، وأخطاء القادة السياسيين في العالم من الممكن أن تجر العالم كله الى الموت مضيفا كما أشرنا الآلام البشرية أيضا اصبحت عالمية وقسم واسع من الناس في الدنيا حرموا من الصلح والأمان والجيران أصبح ينظر بعضهم الى البعض بخوف وسوء ظن.
وأردف: الرجال والنساء أصبحوا غرباء بعضهم عن بعض والأطفال يموتون من قلة الطعام والدواء والفقر والجوع سلبا الحياة الانسانية الكريمة من كثير من أهل الدنيا. واضاف السيد الديباجي بان العدالة القضائية والاجتماعية اصبحت سرابا في الكثير من نقاط العالم والحقد والعنف انتشر في كل مكان والحروب الدينية والمذهبية والقومية اشتعلت في مناطق كاليمن والعراق وسورية وميانمار وأصبحت يوميا تحصد ضحاياها، وأصبح العناد والهرج والمرج.
ولفت السيد الديباجي الى ان الحوار والتقريب بين الأديان الالهية ليس في نطاق التجملات والمجاملات بل هو ضرورة حياتية و عدم التعدى على الآخر وحفظ حالة الأمن والسلام، مضيفا الى ان المعادلة اليوم تغيرت فالاختـلاف ليس بين قوتين عظيمتين بحيث بالمقاومة والصبر يمنعون تبديل الاختلاف الى حرب عالمية وانما هو اختلاف بين الثقافات المتعددة والمتنوعة بحيث يريد الجميع الحصول على مكانة مناسبة ولائقة في ساحة العالم.
واكد السيد الديباجي الى ان الحوار بين الأديان هو الطريق والمنهاج الوحيد الذي يستطيع الاستفادة من حس المسؤولية والقيم الأساسية المشتركة بين الدين الاسلامي وجميع الأديان العظيمة العالمية بعنوان الأخلاق العالمية والقيم الانسانية كما نرى في سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله من خلال الحوار بينه وبين نصارى نجران بل أجاز لهم ولم يمنعهم أن يضربوا الناقوس وأن يصلّوا في المسجد.
واضاف السيد الديباجي الى ان النبي صلى الله عليه واله هو أول من أسس هذا الأساس في الاسلام وفتح باب المناظرة والحوار وتبادل الأفكار والأقوال لتحصيل أفضلها وأرشدها واتباع أحسنها في اصابة الحق لأن القرآن الكريم الذي هو أفضل منبع للأصول الأخلاقية يقول فبشّر عبادِ الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه وأيضا يقول ادعُ الى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسنُ.
واختتم السيد الديباجي كلمته بتأكيده على ان الاسلام هو دين إلهي اجتماعي، ومع التوجه للبعد الأخير (اجتماعي) يضاف اليه بعدٌ آخر هو نظام الادارة. ورسالة الفقيه هي أن تتمكن من توجيه الثلاثة أبعاد بجانب بعضها البعض مشيرا الى ان الفقه قوة فعالة ويستطيع أن يبين التكاليف الدينية المرتبطة بالأفراد والمجتمع والنظام الحاكم وادارة المجتمع. 
فتن سوداء
من جانبه اكد رئيس جماعة علماء العراق الشيخ الدكتور خالد الملا بان هذا اللقاء مع العلماء دليل ساطع بأن نقول وبكل فخر بان هذه الامة لن تموت بوجود امثال السيد ابوالقاسم الديباجي من الذين يسعون لخدمة الدين والامة لافتا الى ان المسلمين في كل انحاء العالم يعيشون ازمة حادة وفتناً سوداء ولكن يبقى بصيص من الامل مع وجود هؤلاء العلماء باننا سوف نتجاوز هذه المحن.
واشار الملا الى ان هناك حقيقة لابد ان نقف عندها وهي ان الانسان من اصل بشري واحد وان تعددت مذاهبنا ودياناتنا وثقافاتنا فكلنا من ادم وادم من تراب مشيرا الى انه يجب علينا ان نتفق باننا جميع من اصل بشري واحد ولهذا عندما جاءت شريعة الاسلام لم تختلف مع هذه الحقيقة.
واضاف الملا بان اصل الاسلام هو التسامح والتعايش وقبول الاخر وان التكفير وقتل الاخر كما يحدث في العراق وسوريا ماهي الا استثناءات ومخالفة لشريعة الاسلام التي تنص على التسامح ونبذ الارهاب والطائفية مضيفا بان خير دليل على ان الاسلام دين التسامح وقبول الاخر هي ما كتبه الرسول صلى الله عليه واله وسلم في وثيقة المدينة المنورة التي نظمت الحقوق ووضعت الواجبات.
وتساءل الملا اين العلماء من جريمة سبايكر والتي اطلق عليها بجريمة العصر والتي راح ضحيتها 2000 شاب بسبب انهم ينتمون الى مذهب من مذاهب الاسلام لافتا الى انه من يجوز له ان يحاسب الناس في ظل وجود القضاء والحاكم والذين يطبقون حدود الله وشرعه. واختتم الملا كلمته قائلا بان المطلوب من العلماء بان يكون لهم موقف بلا حياء فنحن لدينا رسالة يجب ان نبلغها الى الناس وان نقف ونصرخ في وجه جميع التنظيمات الارهابية والتي لا تمت للاسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد.
الوسطية
من جهته اكد عضو الهيئة العالمية للفقه الاسلامي حجة الاسلام والمسلمين سماحة الشيخ البصراوي بان الدين الاسلامي دين الحوار والوسطية والتعقل مشيرا الى ان الحوار ينتج المودة وينشر المحبة والتآخي وذلك عندما نضع المشتركات لتكون طريقا لتلافي الخلافات بين جميع الاطياف.
ولفت الشيخ البصراوي الى ان الرسول صلى الله عليه واله حاور في دعوته الاسلامية جميع الاطياف ليلتقي معهم بنقطة الاتفاق والتي اتت ثمارها وانتشر الدين الاسلامي مضيفا الى ان الائمة الاطهار ساروا على هذا النهج الذي حافظ على كرامة الانسان وافسح المجال لتلاقي جميع الاطراف والاطياف.
واضاف الشيخ البصراوي بأن كلنا يتفق بأن الدين الاسلامي هو خاتم الاديان حيث جاء معززا بالقرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة مضيفا الى انه علينا ان لا نلغي الاخرين من خلال الانفتاح عليهم ومحاورتهم والالتقاء معهم في نقاط التشابه للتقريب بين مختلف الاديان السماوية.
واختتم الشيخ البصراوي بتأكيده على ان الحوار انطلق من الكويت فكانت هي الراعية للحوار فتبنت الحوار واقامت الندوات والمؤتمرات بين مختلف المذاهب والاديان وعملت على التقريب بينهم من خلال الحوار.
محاربة الإرهاب
من جانبه اكد عضو الهيئة العالمية للفقه الاسلامي اية الله الشيخ النجفي بان تواجد رئيس جماعة العراق الشيخ الدكتور خالد الملا هو اكبر دليل على انه لا فرق بين شيعي وسني بل اننا كلنا مسلمون نشهد بان لا اله الا الله والتي نعتصم بها جميعا.
واضاف الشيخ النجفي بان لقاء سماحة اية الله السيد ابوالقاسم الديباجي مع البابا حول دور الاديان والحضارات في محاربة التكفير والارهاب اصبح انجازا ومن الضروريات التي لا يجب التهاون بها لنبذ الارهاب والتكفير مضيفا الى انه من واجبنا السعي في التقريب بين الاديان الالهية.
وتابع الشيخ النجفي بأن لله عز وجل دعانا للمشاركة والتحاور مع الاديان السماوية الاخرى بعيدا عن الطائفية والتعصب لافتا الى ان الاسلام يامرنا بالتحاور والتعايش السلمي فهو دين الرحمة والتسامح والسلام وان اختلاف البشر من سنن الكون.
واشار الشيخ النجفي الى ان التقريب بين الاديان اصبح اليوم امل البشرية للتخلص بين الارهاب وذلك من خلال الاسس التي وضعها الاسلام للتقارب بالتحاور والتقيد بتعاليم الدين الاسلامي التي اساسها الانسانية في التعامل مع الاخرين.
منهج التكفير
ومن جهته قال عضو الهيئة العالمية للفقه الاسلامي الشيخ المهدوي ان منهج التكفير والارهاب من بدع الضلالة التي نشأت على خلاف كتاب الله وسنة النبي وسيرة الائمة الاطهار عليهم السلام، مضيفا الى ان القرآن الكريم حفظ للانسان جميع حقوقه وكرامته الانسانية كما نجد ان الله سبحانه وتعالى صرح بان اصحاب الاديان السماوية الاخرى مأجورون على العمل الصالح الذين يقومون به.
واشار الشيخ المهدوي بأن التكفير يعتبر من اعظم الكبائر حيث ان نبينا صلى الله عليه واله لم يفسج المجال للتكفيريين وكذلك كان الائمة الاطهار والخلفاء من بعد الرسول صلى الله عليه واله مشيرا الى ان التكفير والارهاب كان يظهر تارة ويختفي تارة منذ ايام الخوارج ومن المحزن انه ظهر في زمننا هذا وباسماء مختلفة يسيرون على نهج الخوارج.

Share |

Comments


Add Your Comment

 
 

Other Links

Hekama & Hadeeth

وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ